Body of Lies (2008)

IMDb
7.0/10
سنة الإنتاج:
منتج:
تمکین تعطيل
الإشعارات فیلم
0

النقد الكامل لفيلم Body of Lies (2008)

 

يُعد فيلم Body of Lies من إخراج ريدلي سكوت وبطولة ليوناردو دي كابريو وراسل كرو، عملاً ينتمي إلى نوع الإثارة التجسسية، ويتناول قضايا معقدة مثل الإرهاب، الصراع بين الغرب والشرق الأوسط، والمسائل الأخلاقية في السياسات الخارجية.

 

يروي الفيلم قصة روجر فيريس (ليوناردو دي كابريو)، عميل ميداني في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) مكلّف بتحديد هوية زعيم شبكة إرهابية في الشرق الأوسط وتدميرها. يعمل فيريس تحت إشراف إد هوفمان (راسل كرو) الذي يدير العمليات عن بعد، على بُعد آلاف الأميال. من خلال العلاقة المتوترة والمتقلبة بين هذين الشخصيتين، يسبر الفيلم التحديات الأخلاقية والعملية التي تواجه العمليات الاستخبارية في مناطق النزاع والحروب، ضمن بيئة مشبعة بالخداع والخيانة.

 

السرد وموضوعات الفيلم

 

أحد الجوانب الجديرة بالثناء في الفيلم هو تعامله مع البُعد الإنساني وتعقيدات الأخلاق في الحرب على الإرهاب. يحاول الفيلم أن يعكس التناقضات الثقافية بين الشرق والغرب، ويُظهر كيف يمكن لأساليبهم المختلفة أن تؤدي إلى تصعيد التوترات. في الوقت ذاته، يقدم نظرة واقعية إلى طبيعة العمليات الاستخبارية، حيث يركّز على غياب اليقين، وتعقيد العلاقات الإنسانية، والمخاطر الناجمة عن غياب الثقة.

 

ومع ذلك، فإن تعقيد السرد المفرط في الفيلم يجعله أحياناً مربكاً للمشاهد. إذ يعاني العمل من “بنية مجزأة” تجعله يبدو أقرب إلى مجموعة من المشاهد المتناثرة بدلاً من سرد متماسك. هذه الفوضى السردية تعيق فهم المشاهد لدوافع الشخصيات أو لأسباب تطور الأحداث.

 

فيما يلي تحليل مفصل للجوانب الإنتاجية للفيلم:

 

التمثيل

 

يقدم ليوناردو دي كابريو أداءً مقنعاً في دور روجر فيريس، ويُجسّد بنجاح شخصية ممزقة بين الواجب والأخلاق، محافظاً على توازن داخلي فعّال. يظهر دي كابريو التعب والحيرة عند مواجهته للواقع القاسي للمهام الاستخبارية، مما يضفي عمقاً على الشخصية. ومع ذلك، فإن شخصية فيريس تبدو كمزيج من أدوار سابقة مثل Blood Diamond وThe Departed، وتفتقر إلى الأصالة الكاملة.

 

أما راسل كرو، فيقدّم في دور إد هوفمان، مدير الـCIA المستبد والبارد، صورة مثيرة للاهتمام لكنها أحادية الأبعاد. العلاقة المتوترة بين الشخصيتين تمثل محوراً أساسياً في السرد، غير أن هذا التوتر يصبح أحياناً متكرراً بشكل مفرط ويبتعد بالسرد عن مساره الرئيسي.

 

الإخراج والتصوير السينمائي

 

تُعتبر إخراجات ريدلي سكوت من أبرز نقاط القوة في الفيلم. فقد استطاع، من خلال تأطير دقيق وخلق أجواء مشحونة بالتوتر، أن يُدخل المشاهد إلى صلب الأحداث. مشاهد الأكشن، لا سيما الانفجارات والمطاردات، مصممة بدقة وبواقعية ملحوظة. إلا أنه، وعلى الرغم من سعي الفيلم إلى إيصال رسالة جدّية، يبدو أحياناً كأنه “فيلم أكشن هوليوودي تقليدي”.

 

نقاط القوة

 

تناول المسائل الأخلاقية: يُبرز الفيلم بوضوح التوتر بين الواجب والأخلاق، ويمنح المشاهد فرصة للتفكير في دور الغرب في الشرق الأوسط.

 

تمثيل قوي: وجود ممثلين كبار كدي كابريو وكرو زاد من جاذبية الفيلم.

 

واقعية: التصميم الدقيق للمشاهد وبناء الأجواء أضفى على الفيلم طابعاً واقعياً.

 

نقاط الضعف

 

تفكك السرد: بسبب تعدد خطوط القصة وتعقيداتها، يفتقد الفيلم إلى تماسك كافٍ.

 

ضعف بناء الشخصيات: بعض الشخصيات، مثل هاني (الذي أدّاه مارك سترونغ)، رغم جاذبيتها الأولية، لم تُمنح ما يكفي من التطوير.

 

الصور النمطية الثقافية: اعتمد الفيلم على تصوير نمطي للشرق الأوسط، حيث يعزز ثنائية “الغرب المتحضّر” مقابل “الشرق غير المستقر”، وهو ما تعرّض لنقد مستحق.

 

في القسم التالي، سنتناول سرد الفيلم ونقد بنيته الروائية.

 

سرد أحداث فيلم Body of Lies (2008)

 

بداية القصة: تقديم الشخصيات والمهمة

يبدأ الفيلم بتقديم روجر فيريس (ليوناردو دي كابريو)، عميل ميداني في وكالة الاستخبارات المركزية، يعمل في الشرق الأوسط في تنفيذ عمليات حساسة، وتُلقى على عاتقه مسؤولية تتبّع خيوط الشبكات الإرهابية النشطة في المنطقة. يشرف عليه إد هوفمان (راسل كرو)، رئيسه المباشر، الذي يدير العمليات من الولايات المتحدة ويتابع تحركات فيريس عن بُعد من خلال الاتصالات الفضائية. يتعامل هوفمان بمنهج عملي صرف، ولا يؤمن كثيراً ببناء علاقات إنسانية مع السكان المحليين، بل يفضّل استخدام التكتيكات القاسية والسريعة.

 

المهمة الأولى: الهجوم على الجماعات الإرهابية

تُكلّف فيريس بمهمة تعقّب زعيم إرهابي بارز يُدعى السلامي، يُشتبه بوقوفه وراء عدة هجمات انتحارية في أوروبا. خلال إحدى مهامه، يحصل فيريس على معلومات عن أحد المقربين من السلامي، لكن المهمة تفشل بسبب انعدام التنسيق وتدخّلات هوفمان المستمرة، مما يزيد التوتر بين فيريس ورئيسه.

 

محاولة بناء الثقة مع الحليف المحلي

يسافر فيريس إلى الأردن لتطوير المهمة، ويتعاون هناك مع هاني سلامة (مارك سترونغ)، مدير المخابرات الأردنية. هاني شخصية ذكية، لكنها متغطرسة ومحافظة، ويُصرّ على ضرورة بناء الثقة المتبادلة. يُحذر فيريس من اتخاذ أي خطوة دون علمه أو التنسيق معه.

 

الخدعة الكبرى: تأسيس جماعة إرهابية وهمية

لجذب انتباه السلامي، يطرح فيريس فكرة جريئة: تأسيس جماعة إرهابية وهمية تُصمَّم بطريقة تجعل التنظيم الإرهابي الحقيقي يشك بها ويضطر للتواصل معها. يقوم بتنفيذ تفجير مزيف لإضفاء المصداقية على هذه الجماعة، ويُنجح الخطة مؤقتاً، لكنها تجر وراءها عواقب جديدة ومعقّدة.

 

علاقة عاطفية وتحديات أخلاقية

خلال مهامه، يتعرّف فيريس على ممرضة إيرانية تُدعى عائشة (غولشيفته فرهاني)، وتنشأ بينهما علاقة عاطفية تُضفي بُعداً إنسانياً على شخصية فيريس وتُجسّد صراعه بين الواجب والمشاعر. وعندما تختطف عائشة من قبل جهات مجهولة، يجد فيريس نفسه أمام خيار صعب بين إتمام المهمة أو إنقاذ من يحب.

 

الخيانة وانعدام الثقة

يتدهور التعاون بين فيريس وهاني تدريجياً، إذ تُهدد تصرفات فيريس الانفرادية خطط هاني الدقيقة. وفي الوقت نفسه، يواصل هوفمان من بعيد تدخّلاته التي تؤجج حالة انعدام الثقة. وعندما تُفضَح خطة الجماعة الوهمية، يتحوّل فيريس إلى هدف مباشر لأعدائه.

 

ذروة الأحداث: التعذيب واستعادة الثقة

يُلقى القبض على فيريس من قبل رجال السلامي ويُحتجز في غرفة تعذيب. في واحدة من أكثر مشاهد الفيلم قسوة، يتعرض فيريس لتعذيب وحشي ويُجبر على مواجهة حقائق مؤلمة حول مهمته. لكن هاني، وقد أدرك قيمة فيريس وجدّيته، ينفّذ عملية جريئة لتحريره.

 

نهاية القصة: القرار الأخير

في النهاية، يقرر فيريس، وقد أنهكه النفاق والألعاب السياسية داخل وكالة الاستخبارات، أن ينسحب من هذا المسار. يرفض عرض هوفمان بالاستمرار في التعاون، ويختار طريقاً مستقلاً. وتُعرض علاقته مع عائشة كرمز للأمل والعودة إلى الحياة الطبيعية.

 

يختتم الفيلم بعرض عالمٍ مليء بالخداع والخيانة والسياسات الملتوية، ليؤكد أن الحرب على الإرهاب ليست مجرد صراع عسكري، بل معركة أخلاقية وإنسانية. واختيار فيريس للانسحاب يرمز إلى فشل الأنظمة التي تفضّل الكذب على التعاون، والخداع على الثقة.

 

النقد ما بعد الاستعماري لفيلم Body of Lies (2008)

 

يقدّم الفيلم، من منظور ما بعد الاستعمار، صورة مثيرة للجدل. إذ يُصوّر الشرق الأوسط كمنطقة مضطربة وخطيرة، بحاجة إلى “تدخّل” و”توجيه” غربي. وتُقدَّم شخصيات مثل هاني، رغم جاذبيتها، كأدوات في خدمة الأجندات الغربية. فرغم محاولة الفيلم تقديم وجهة نظر متعددة الأبعاد، إلا أنه يعيد إنتاج الصور النمطية الهوليوودية المعروفة.

 

وفي هذا النقد، نعتمد منهج ما بعد الاستعمار لتحليل تمثيل الشرق الأوسط ومفاهيم القوة وبناء “الآخر” ثقافياً:

 

١. تمثيل الشرق الأوسط كـ”أرض للفوضى”

أحد أبرز سمات الفيلم هو تقديم الشرق الأوسط كمكان خطير، غير متوقّع، وغير مستقر. تُرافق المشاهد صورٌ للدمار والدخان والاضطراب في المدن والصحارى، ما يبعث برسالة ضمنية بأن هذا المكان بطبيعته عنيف وعديم النظام.

هذه النظرة تُواصل سرديات استعمارية قديمة تضع الشرق مقابل الغرب المتحضّر والمنظّم. لا يُلقي الفيلم باللوم على القوى الاستعمارية أو ما بعد الاستعمارية في زعزعة الاستقرار، بل يجعل من الشرق الأوسط مسرحاً لإبراز القوة الغربية، لا كموطن لشعوب لها أصوات وتاريخ وثقافة.

 

٢. بناء الشخصيات و”تغريب” الآخر

منذ البداية، يُقيم الفيلم ثنائية بين الشخصيات الغربية والشرقية. يظهر روجر فيريس (ليوناردو دي كابريو) كممثل للغرب، يتحمّل المسؤولية، ويعيش صراعات أخلاقية عميقة. أما الشخصيات العربية، وعلى رأسها هاني (مارك سترونغ)، فتظل هامشية، تُوظّف فقط لخدمة تطوّر شخصية البطل الغربي.

رغم أن هاني شخصية ذكية ونفوذة، إلا أنه يُصوَّر كـ”آخر مطيع”، يقدّم خدماته دون اعتراض أو استقلالية حقيقية. هذه الثنائية تتكرر كثيراً في السينما الغربية: العربي إما “الحليف الجيد” أو “العدو الغادر”، لكن في الحالتين، لا يُمنح أي agency حقيقي.

 

٣. توظيف مفهوم “الإرهاب” كذريعة

يتعامل الفيلم مع “الإرهاب” كمفهوم مطلق، لا يخضع لأي تحليل تاريخي أو اجتماعي. تظهر الشبكات الإرهابية ككيانات مجرّدة لا دوافع واضحة لها، ما يجعل الإرهاب مجرد ذريعة تُبرّر التدخلات العسكرية والاستخباراتية الغربية.

بدلاً من تحليل الأسباب البنيوية والإرث الاستعماري الذي ساهم في نشوء هذه الحركات، يقدّم الفيلم الإرهاب كحقيقة “طبيعية” في مجتمعات الشرق. بهذه الطريقة، يُصوَّر الشرق الأوسط كمنطقة تحتاج إلى الضبط الخارجي، ويُسلب سكانها من حقهم في تعريف واقعهم السياسي.

 

٤. الازدواجية الأخلاقية في الشخصيات الغربية

يُقدّم الفيلم مفارقة بين فيريس (العميل الميداني) وهوفمان (الاستراتيجي من بعيد). يحاول فيريس بناء علاقات ثقة مع المحليين، بينما يُفضّل هوفمان العمل من دون تعقيدات أخلاقية.

لكن هذه الازدواجية تُخفي حقيقة واحدة: كلاهما يمثل قوة خارجية تقرّر مصير شعوب ليست طرفاً فاعلاً في الحوار. حتى في هذا التوتر الأخلاقي، تبقى الهيمنة الغربية على مسرح الأحداث مطلقة، وتُقدَّم الشخصيات الشرقية كعناصر لا حول لها ولا قوة.

 

٥. تصوير العنف والتعذيب

يتعمّد الفيلم في بعض المشاهد تصوير العنف، خاصة حين يُعتقل فيريس ويُعذّب بوحشية. هذه المشاهد تُستخدم لإثارة المشاعر، لكنها تُرسّخ كذلك صورة الشرق الأوسط كمنطقة قاسية وغير إنسانية.

ومع أن الفيلم لا يتجاهل العنف، إلا أنه يتغافل عن دور السياسات الغربية في توليد هذه البيئة. فالعنف لا يُقدَّم كنتيجة لسياسات تدخّلية، بل كصفة أصيلة للشرق، ما يعمّق الصور النمطية بدلاً من تفكيكها.

 

٦. أزمة الثقة في عالم ثنائي

واحدة من رسائل الفيلم الرئيسية هي أزمة الثقة بين الشخصيات، خاصة بين فيريس وهوفمان، وكذلك بين فيريس وهاني. هذه الأزمة تعكس الانقسام الأعمق بين الشرق والغرب.

لكن بدلاً من محاولة جسر الهوة، يعزّز الفيلم هذا الانقسام. يُصوَّر “الثقة” كفضيلة غربية، ولا يُمنح الشخص العربي صفة “الموثوقية” إلا حين يلتزم بالقيم والمعايير الغربية. وهكذا، تتحول الثقة إلى أداة لتأكيد السيطرة الثقافية.

 

الخاتمة

Body of Lies فيلم يحاول تناول قضايا معقدة مثل الحرب على الإرهاب، لكنه يفشل في تجاوز السرديات الغربية التقليدية. فرغم قوة الأداء والإخراج، فإن البناء السردي يُعيد إنتاج كليشيهات عن الشرق الأوسط، بدلاً من تحليل واقعه المتعدّد والطبقات.

ورغم أن الفيلم يدّعي تعددية المنظور، إلا أنه يُسقِط صوت الشعوب الأصلية، ويجعل من أراضيهم مسرحاً للقرارات والسياسات الغربية.

النقد ما بعد الاستعماري لهذا الفيلم لا يفضح فقط الصور النمطية، بل يُذكّرنا بأن السينما أداة لصناعة الخطاب. وبدلاً من أن تكون نافذة لفهم الآخر، تتحول إلى مرآة تعكس تصورات القوة والنفوذ، مما يستوجب منا قراءة دقيقة ونقداً متأنياً لكل صورة تُقدَّم لنا.

محتوایی برای این تب موجود نیست.
محتوایی برای این تب موجود نیست.
محتوایی برای این تب موجود نیست.
  • 0 رأي
  • 36 يزور
  • فريق العمل والموسيقى التصويرية
نقترح عليك المشاهدة

دیدگاه های کاربران

0 نظر
انصراف

اولین نفر باشید دیدگاهی ثبت میکند