شاهد المقطع الدعائي

كلاب الحرب War Dogs 2016

IMDb
7.1/10
سنة الإنتاج:
منتج:
تمکین تعطيل
الإشعارات فیلم
0

الملخص: يروي الفيلم قصة حقيقية لاثنين من الشبان الأمريكيين الذين أصبحوا من كبار تجار السلاح خلال حرب العراق من خلال عقود حكومية، قبل أن ينكشف تورطهم في صفقات مشبوهة وممارسات غير قانونية.

نقد ما بعد الاستعمار لفيلم «كلاب الحرب»

 

خلفيات ما بعد الاستعمار وتمثيل الدول “الأخرى”

من منظور ما بعد الاستعمار، يُعتبر فيلم «كلاب الحرب» نموذجًا للأفلام الحديثة التي تُعيد تقديم التمثيلات الشائعة التي تركز على المصالح الاقتصادية والطموحات الشخصية، متجاهلة تداعيات الحرب الحقيقية والإنسانية على المجتمعات غير الغربية مثل العراق. أحد الانتقادات الأساسية لهذا الفيلم هو أنه بدلاً من تسليط الضوء على تداعيات الحرب على المجتمعات غير الغربية، يُعرض العراق كخلفية لفرص الربح الاقتصادي.

في سرد الفيلم، يُصوَّر العراق كمكان عديم القيمة، مجرد مسرح حي لتجارة الأسلحة. هذا العرض، بالتزامن مع التركيز على النجاحات الاقتصادية للشخصيات الرئيسية، يُبعد البُعد الإنساني والمأساوي للحرب عن الأضواء. في هذا السياق، تظهر ضحايا الحرب والعواقب الإنسانية للشعب العراقي كعوامل ثانوية، مما يُبرز بوضوح النظرة الاستعمارية تجاه “الآخر”.

 

تحليل النظرات الاستعمارية في سرد الفيلم

أحد المعالم البارزة في النقد ما بعد الاستعماري للأفلام هو فحص كيفية تقديم “الآخر” أو ما يُعرف بالشرق. في «كلاب الحرب»، تُقدَّم الشخصيات الرئيسية، الممثلة عن العالم الغربي، مقابل دول مثل العراق، التي تُصوَّر كمستهلكة للموارد، ميدان حروب، وأرض لاستغلال الفرص الاقتصادية.

في الفيلم، تُعرض تجارة الأسلحة ليس فقط كنشاط اقتصادي، بل كآلية لتعزيز السلطة لدى الساسة والمسؤولين الغربيين. السياسات التي تُظْهِر الظاهر أنها تدافع عن المصالح الوطنية تؤدي في الواقع إلى استغلال الدول النامية والمتأثرة بالحرب. هذا العرض يُعزز الرغبة في الربح بأي ثمن في العالم الحديث، مما يُقوي بشكل غير واعٍ الهياكل السلطوية والعلاقات غير المتكافئة بين الغرب و”الآخر”.

إحدى الجوانب البارزة هنا هي كيفية تقديم شخصية “إفرايم” كشخص عديم الضمير يسعى فقط للربح، بينما تظهر تداعيات أفعاله على شعوب مثل العراقيين بشكل سطحي. بين الحوارات في الفيلم، مثل “هذا مجرد عمل، ديفيد. عندما نربح المال، من يهتم أين تذهب تلك الأسلحة؟”، ما يعكس النظرة التي تتجاهل التداعيات الإنسانية والاجتماعية في سبيل الربح الاقتصادي. هذا النهج، في إطار النقد ما بعد الاستعماري، يمكن اعتباره مثالاً على النظرة الاستعمارية والهيمنة الغربية على الثقافات الأخرى.

 

تمثيل التناقضات الثقافية والاقتصادي

في التحليل ما بعد الاستعماري، التركيز على التناقضات الثقافية والاقتصادية بين الدول الغربية وغير الغربية أمر ضروري. في «كلاب الحرب»، يُقدَّم العراق ليس فقط كهدف لتجارة الأسلحة، بل كنموذج للفوضى وعدم الاستقرار مقابل الهياكل الاقتصادية القوية في الغرب. هذا التمثيل يُظهر نظرة أحادية للدول النامية، حيث تُعتبر فقط كمصادر اقتصادية خام أو ميادين لتجارب السلطة الغربية.

من منظور ما بعد الاستعمار، هذه النظرة تؤدي إلى مشروعية غير مباشرة ولا واعية للهياكل السلطوية والعلاقات العالمية غير المتكافئة. في هذا السياق، يُعزز فيلم «كلاب الحرب» النظرات الاستعمارية من خلال التركيز على نجاحات الشخصيات الغربية وتجاهل التداعيات الإنسانية والثقافية لتجارة الأسلحة. بكلمات أخرى، في حين أن القصة الحقيقية تتعلق بشابين يدخلان عالم تجارة الأسلحة، فإن تقديمها يُجعل الدول المشاركة كضحايا صامتين ومنفعلين لهذه الهيكلة غير المتكافئة.

تستطيع ملاحظة ذلك في الحوارات التي تركز على الربح الاقتصادي دون الاكتراث بالتداعيات الإنسانية والاجتماعية، مما يُعيد إنتاج النظرة الاستعمارية حيث تُباع القيم الأخلاقية والإنسانية مقابل المال والقوة.

 

 

نقد دور الدولة والأنظمة الاقتصادية

من منظور ما بعد الاستعمار، نقد هياكل السلطة والأنظمة الاقتصادية التي تحكم العلاقات الدولية هو أحد المحاور الرئيسية. يسعى فيلم “كلاب الحرب” من خلال التطرق لموضوع تجارة الأسلحة ودور الحكومة الأمريكية في هذه الصفقات، إلى إظهار كيف يستفيد السياسيون والنخب الاقتصادية من الدول المتورطة في الحروب لتحقيق أرباح شخصية وزيادة نفوذهم السياسي. ومع ذلك، لا يتناول الفيلم بعمق تأثير هذه السياسات على الدول المستهدفة مثل العراق، بل يركز فقط على الجوانب الربحية والفرص المالية.

هذا النهج من منظور ما بعد الاستعمار، يعرض تمثيلاً أحادي البعد للحرب كعملية تجارية مالية يتجاهل فيها القيم الإنسانية والاجتماعية للضحايا. السياسات الخارجية التي تركز فقط على المصالح الاقتصادية لا تساهم فقط في تعزيز الفجوات العالمية، بل تؤدي إلى إضعاف مكانة الدول التي تتعرض للاستغلال. في هذا السياق، من خلال إظهار اللامبالاة تجاه العواقب الإنسانية لهذه السياسات، يقدم الفيلم نقدًا ضمنيًا للأنظمة الاستعمارية السائدة؛ إلا أن هذا النقد يبقى سطحيًا وغير قادر على إحداث تأثير حقيقي على المشاهدين.

 

التأثيرات الثقافية والهوياتية

من الجوانب المهمة الأخرى لنقد ما بعد الاستعمار، دراسة التأثيرات الثقافية والهوياتية. في فيلم “كلاب الحرب”، يُصور العراق كأماكن للفوضى وانعدام الأمن، بجانب قصة شابين أمريكيين يسعيان لتحقيق الربح من خلال صفقات الأسلحة، مما يؤدي إلى تجاهل الهوية الثقافية والتاريخية لتلك الدول. هذا التصوير يعيد إنتاج الكليشيهات القديمة حول “الآخر”، حيث تُعرض الدول غير الغربية كخلفية لقصص النجاح الاقتصادي الغربي ومواقع للاستغلال الاقتصادي.

بمعنى آخر، يستخدم فيلم “كلاب الحرب” لغة يتم فيها بيع القيم والثقافات المحلية للدول المتورطة في الحرب لصالح القصص الاقتصادية والطموحات. هذا الأمر لا يعزز فقط النظرة الاستعمارية، بل يؤدي إلى تهميش الروابط الثقافية والهوياتية للشعوب التي تعيش في تلك الدول المتضررة من الحرب. نتيجة لذلك، قد يحصل المشاهد على صورة سطحية وسلبية عن الدول غير الغربية تتجاهل القيم الثقافية والتاريخية التي تسهم في تشكيل الهوية الوطنية.

 

الاستنتاج النهائي للنقد ما بعد الاستعماري

في النهاية، يعلمنا نقد ما بعد الاستعمار لفيلم “كلاب الحرب” أن الروايات السينمائية اليوم لا يجب أن تركز فقط على الجوانب الاقتصادية والطموح، بل ينبغي أن تدرس بعناية التأثيرات الثقافية والاجتماعية والإنسانية الناتجة عن هذه الصفقات. في هذا الفيلم، يركز العرض المفرط على الجوانب الربحية والاستغلال الاقتصادي، مما يؤدي إلى تقديم تصوير مشوه للواقع الحرب وتأثيرها على المجتمعات غير الغربية. هذا النهج، بالرغم من تقديم نقد للفساد والطموحات الشخصية، يتجاهل المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية في تقديم وقائع تاريخية دقيقة.

من منظور ما بعد الاستعمار، يعكس فيلم “كلاب الحرب” النظرات الاستعمارية وأنظمة السلطة السائدة في العالم المعاصر؛ نظرة تتجاهل القيم الإنسانية والثقافية لضحايا الحرب لصالح المصالح الاقتصادية والطموحات الشخصية. لهذا السبب، يجب أن يتجاوز نقد هذا الفيلم الفحص السردي والفني فقط، ويعيد النظر في الآراء الثقافية وما بعد الاستعمارية تجاه الحرب وتجارة الأسلحة.

في العديد من التحليلات النقدية، يتضح أن القصص المتعلقة بتجارة الأسلحة ودور الحكومات في استغلال الدول المتورطة تتطلب نظرة شاملة تتناول الأبعاد الفردية والهيكلية وما بعد الاستعمارية. يفتقر فيلم “كلاب الحرب” في هذا الصدد إلى التعمق في علاقات القوة ودور النخب الاقتصادية في النظام الدولي، ويعتمد أكثر على الترفيه والكوميديا؛ مما يقلل من القيمة النقدية لهذا العمل من منظور ما بعد الاستعمار.

 

الخاتمة

في المجمل، يُظهر التحليل ذو البعدين لفيلم “كلاب الحرب” أن هذا العمل السينمائي يسعى من جهة إلى استخدام عناصر الكوميديا السوداء والدراما والواقعية لتقديم صورة عن الطموح والجشع المالي في عالم تجارة الأسلحة والفساد في الأنظمة الحكومية. من الناحية السردية والفنية، تفتقر اختيارات الإخراج في تحرير المشاهد واستخدام الموسيقى التصويرية وسرد القصة إلى الانسجام والعمق المطلوبين. وقد أُثرت عمليات التمثيل بين الشخصيات الرئيسية، على الرغم من بعض الأداءات المميزة، بعدم التناسق بين تطوير الشخصيات وبنية القصة العامة، مما أدى إلى بُعد نقدي أحادي.

من جهة أخرى، يشير النقد ما بعد الاستعماري للفيلم إلى كيفية تمثيل الدول المتورطة في الحرب ودورها كـ”آخر”؛ حيث تُعرض الدول غير الغربية مثل العراق كخلفية للاستغلال الاقتصادي وعمليات تجارة الأسلحة. هذا النهج، الذي يؤدي في النهاية إلى تعزيز الكليشيهات الاستعمارية وتكريس الفجوات العالمية، يُظهر أن فيلم “كلاب الحرب” فشل في تناول التأثيرات الإنسانية والثقافية للحرب وركز فقط على الجوانب الاقتصادية والفردية.

لذلك، ينبغي للأعمال السينمائية المستقبلية التي تتناول موضوعات الحرب وتجارة الأسلحة والعلاقات الدولية، أن تتبنى نهجًا شاملاً يتناول الجوانب الفنية والسردية والنقد ما بعد الاستعماري. يمكن أن يساهم استخدام الأطر النظرية من مجالات ما بعد الاستعمار وعلم الاجتماع والنقد الثقافي في إثراء التحليلات المقدمة، مما يسمح للأعمال السينمائية بالعمل ليس فقط كمنتجات ترفيهية، بل كأدوات لنقد الهياكل غير المتكافئة وتعزيز القيم الإنسانية.

في النهاية، على الرغم من سعي “كلاب الحرب” لتقديم قصة مستندة إلى وقائع حقيقية وتناول موضوعات حساسة مثل الفساد في تجارة الأسلحة، إلا أنه من الناحيتين السردية والفنية ومن منظور ما بعد الاستعمار، يعاني من نقص واضح. يُظهر النقد السردي والفني افتقار الفيلم إلى التناغم في السرد، والاستخدام غير المتوازن للعناصر السينمائية والمعالجة السطحية للأبعاد الأخلاقية، مما قلل من القيمة النقدية للفيلم. من جهة أخرى، يشدد النقد ما بعد الاستعماري على أن تمثيل الدول غير الغربية كخلفية للاستغلال الاقتصادي يعزز النظرات الاستعمارية ويُغفل التأثيرات الحقيقية للحرب على المجتمعات المتضررة.

مقدمة

فيلم “كلاب الحرب”، الذي أخرجه تود فيليبس وأنتج عام 2016، مبني على قصة حقيقية لشابين يُدعيان إفرايم ديفيرولي وديفيد باكوز. يتناول الفيلم في جوهره العالم المظلم والخفي لتجارة الأسلحة في أمريكا، من خلال رواية قصة دخول صديقين إلى هذه الصناعة، ويعرض الأبعاد الأخلاقية والفساد الجوهري في الصفقات الحكومية. على الرغم من أن الفيلم يظهر في نظرة أولية ككوميديا سوداء بعناصر درامية، إلا أنه في عمقه يطرح أسئلة جادة حول الأخلاق والطموح والتبعات الاجتماعية لتجارة الأسلحة. من جهة، يمكن اعتبار محاولات تود فيليبس في الحفاظ على الوفاء للأحداث الحقيقية وخلق جو قريب من الواقع التاريخي نقطة قوة في الفيلم، إلا أن السرد السطحي وبعض الاختيارات الفنية المثيرة للمشاكل قد وجهت نقداً جدياً للعمل.

 

في هذه المقالة التعليمية، يتم تقديم تحليل ثنائي البعد لـ “كلاب الحرب”. في الجزء الأول، يتم تناول النقد السردي والفني للفيلم؛ من بناء السرد والشخصيات إلى الخيارات السينمائية مثل التحرير، الإضاءة، الموسيقى التصويرية واستخدام الصوت الداخلي (Voiceover). الجزء الثاني مخصص لنقد ما بعد الاستعمار؛ حيث يتم تحليل الفيلم في سياق عرض الفرص الاقتصادية والانطباعات الاستعمارية وكيفية تصوير دول مثل العراق كبيئة لمغامرات تجارية.

 

هدف هذا التحليل هو تقديم وجهة نظر نقدية متعددة الطبقات تجاه جوانب مختلفة من فيلم “كلاب الحرب”، بحيث يمكن من منظور فني وسردي ومن منظور نقد ما بعد الاستعمار دراسة التبعات الأخلاقية والثقافية بدقة.

 

بناء السرد وتماسك القصة

إحدى الجوانب الأساسية لأي عمل سينمائي هي القدرة على سرد القصة بشكل متماسك ومستمر. في فيلم “كلاب الحرب”، تُستخدم قصة صديقين قديمين يجتمعان مجدداً بعد سنوات ويدخلان عالم تجارة الأسلحة كإطار رئيسي للسرد. من جهة، يجذب هذا الاختيار السردي، المبني على أحداث حقيقية واحتوائه على عناصر كوميدية ودرامية، انتباه الجمهور؛ لكن من جهة أخرى، تُثار عدة نقاط نقدية حول تماسك وعمق السرد.

 

إحدى المشكلات الموجودة في بناء السرد هي التقسيم غير المتوازن لفصول القصة. يبدو أن محاولات إظهار التغيرات المفاجئة في الحالات العاطفية للشخصيات والتحولات السريعة في مسار القصة تؤدي إلى وجود فجوات في تماسك السرد. استخدام مشاهد منفصلة لتقديم شخصيات إفرايم وديفيد، على الرغم من تقديرها من ناحية الأسلوب الإخراجي، إلا أن الربط بين هذه الشخصيات وتطوير مسار قصتها بشكل دقيق لا يزال غير قوي بما فيه الكفاية. بعبارة أخرى، هناك تقلبات كبيرة بين المشاهد الفكاهية واللحظات الدرامية، مما يجعل الجمهور يشعر بالارتباك في متابعة المسار الرئيسي للقصة.

 

أيضاً، استخدام السرد الصوتي (Voiceover) للتعبير عن الأفكار الداخلية لشخصية ديفيد، الذي استُخدم لتعزيز الإحساس الكلاسيكي لأفلام العصابات، في بعض الأحيان يكون مفرطاً وتكرارياً مما يقلل من تأثيره. هذه الطريقة في السرد، بدلاً من تعزيز عمق القصة، تُستخدم أحياناً كأداة ميكانيكية لتقديم تفسيرات إضافية، مما يقلل من جاذبية القصة البصرية.

تحليل الشخصيات والتمثيل

التمثيل في فيلم “كلاب الحرب” هو من الجوانب البارزة التي لطالما استرعت انتباه النقد. الشخصيات الرئيسية، إفرايم ديفيرولي (بأداء جونا هيل) وديفيد باكوز (بأداء مايلز تيلر)، كلاً منهما يمثل رموزاً مختلفة للأخلاق والطموح في عالم تجارة الأسلحة.

 

يقدم جونا هيل في دور إفرايم شخصية جذابة ومغرورة في آن واحد، مخادع وطموح. تمكنت أداؤه، باستخدام عناصر الكوميديا السوداء والعروض المبالغ فيها، من تقديم صورة لشخص بلا حدود في السعي لتحقيق الربح والمنفعة؛ لكن في الوقت نفسه، تظهر القصور الأخلاقية وغياب العمق النفسي لهذه الشخصية. شخصية إفرايم، على الرغم من وجودها القوي وتمتعها بالكيمياء التمثيلية مع شريكه، تُعرف كرمز أحادي البعد تقريباً ونمطي لمؤسسي الفساد في صناعة الأسلحة.

 

على الجانب الآخر، يجتهد مايلز تيلر في دور ديفيد باكوز لتقديم شخصية متزنة ومحتاطة، التي تظهر كضمير أخلاقي للقصة ونقطة التوازن بين طموح إفرايم. ومع ذلك، فإن حضور تيلر مقارنة بجونا هيل كان أقل بروزاً، وأشارت بعض النقدات إلى أن حواراته، رغم محاولاتها لإيجاد شعور بالتعاطف، لم تتمكن من تصوير العمق النفسي والجوانب المتعددة لشخصيته بشكل كافٍ.

بالمجمل، التمثيل في الفيلم، رغم امتلاكه لإمكانات عالية لدى كلا الممثلين، يعاني من قصور من ناحية السرد الفني لعدم وجود التنسيق الكافي بين تطوير الشخصيات والاختيارات السردية. الفروقات الأساسية بين الشخصيات الرئيسية، رغم استخدامها لعرض التناقضات الأخلاقية، إلا أنها بسبب غياب الطبقات النفسية الأعمق، أدت إلى سرد سطحي.

 

 

التقنيات السينمائية: التحرير، الإضاءة والموسيقى التصويرية

من المنظور الفني، تلعب اختيارات المخرج واستخدام التقنيات السينمائية في فيلم “كلاب الحرب” دورًا حاسمًا في نقل رسائل القصة. حاول تود فيليبس خلق جو قريب من واقع الأحداث التاريخية باستخدام العناصر البصرية والصوتية المختلفة؛ لكن، مثل باقي جوانب الفيلم، هذه الاختيارات تحتوي على نقاط قوة وضعف.

 

أ) التحرير وتوقيت المشاهد

واحدة من النقاط الضعف الرئيسية في الفيلم هي التحرير غير المتوازن للمشاهد. الريتم السردي للفيلم، بسبب التغيرات المفاجئة بين اللحظات الفكاهية والدرامية، غالبًا ما يبدو محيرًا للجمهور. التحرير السريع للمشاهد التي تعرض التغيرات المفاجئة في الحالة العاطفية للشخصيات بدون إنشاء جسور انتقالية كافية، أدى إلى تقديم بعض أجزاء القصة بشكل متناثر وبدون تماسك واضح. هذا الافتقار إلى التوازن يسبب عدم وصول الرسائل الأخلاقية والاجتماعية للفيلم إلى الجمهور بشكل كامل.

 

ب) الإضاءة وتصميم المشهد

في “كلاب الحرب”، استخدام الإضاءة كأداة لتعزيز الشعور بالكوميديا السوداء وفي نفس الوقت الدرامية، يعتبر من اختيارات تود فيليبس الفنية. الإضاءة الخافتة في المشاهد الداخلية واستخدام الظلال القوية في بعض اللحظات الرئيسية يعكس محاولة خلق شعور بعدم اليقين والقلق. لكن، في بعض الأحيان، يبدو أن هذه الاستخدامات المبالغ فيها للإضاءة، بدلاً من تعزيز الواقعية، تخلق فجوة عاطفية بين الجمهور والقصة. تصميم المشهد أيضًا يعكس بيئة ضيقة ومغلقة في الأغلب، مما يعبر عن الشعور بالعزلة والضغط؛ لكن هذا النهج قد لا يتناغم دائمًا مع السرد العام للقصة.

 

ج) الموسيقى التصويرية واستخدام الصوت الداخلي

أحد الجوانب النقدية للفيلم هو الاستخدام المفرط وغير المناسب أحيانًا للموسيقى التصويرية. الهدف من اختيار الموسيقى المعروفة والقوية هو خلق إحساس بالدراما وتعزيز مشاعر الجمهور؛ لكن هذا النهج، بدلاً من إضافة عمق للقصة، يُعتبر أحيانًا مشتتًا ومصطنعًا. الموسيقى التصويرية في بعض المشاهد تجعل تركيز الجمهور يتحول من تفاصيل السرد إلى ردود الفعل الحسية، مما يعطل التحليل الدقيق للقصة.

أيضًا، استخدام السرد الصوتي (Voiceover) لتقديم الأفكار الداخلية لشخصية ديفيد، رغم أنه مستوحى من أفلام العصابات الكلاسيكية، إلا أن تكراره وعدم تنوعه في تقديم الأفكار، يجعله أداة سطحية لتعويض نقص العمق السردي. وبدلاً من إثراء القصة وتقديم طبقات نفسية أعمق، يُنظر إليه غالبًا كعنصر إضافي ومتكرر.

  • 0 رأي
  • 96 يزور
  • فريق العمل والموسيقى التصويرية
نقترح عليك المشاهدة

آراء المستخدمين

0 رأي
انسحب

كن أول من ينشر تعليقًا.