شاهد المقطع الدعائي

الطيور الصفراء (The Yellow Birds 2017)

IMDb
5.8/10
سنة الإنتاج:
منتج:
النوع:
تمکین تعطيل
الإشعارات فیلم
0

الملخص: يحكي الفيلم قصة صداقة بين جنديين شابين خلال خدمتهما في العراق، ويستعرض ما يترتب على أحدهما من شعور بالذنب والمسؤولية بعد مأساة تفقد فيها إحدى الأمهات ابنها. فيلم "الطيور الصفراء" من إخراج ألكسندر موره، مقتبس من رواية حظيت بإعجاب النقاد تحمل نفس الاسم من تأليف كيفن باورز. هذا الفيلم يحكي قصة حرب العراق وتأثيراتها المدمرة على الجنود الأمريكيين الشباب الذين يشاركون فيها. يتبع الفيلم قصتي الجنديين الرئيسيين، الجندي جون بارتل والجندي دانييل مورفي، ويغوص في موقفهما وسط فوضى الحرب مع تغييرات عميقة على المستوى الشخصي في إطار لغز مقلق حول مصير مورفي بعد الحرب.

 كشف النظرة الاستعمارية في الفيلم

يميل هذا الفيلم إلى تصوير العراق كمجرد خلفية للدراما الشخصية للجنود الأمريكيين. كما هو الحال مع العديد من الأفلام المماثلة، يعني أن وجود العراق يستدعي وجود قصة أمريكية مع شخصيات أمريكية، وإلا فإن العراق بحد ذاته لا يستحق التركيز عليه. كما أشارت النقود، الفيلم لا يقدم أي نقاش أو تمثيل ملموس للمدنيين العراقيين بطريقة ذات مغزى. إما أن يُظهر قتلةً يقتلون الجنود الأمريكيين المحررين بلا هدف، أو يُظهر شيوخًا وشيوخات يتجولون بين القمامة وغير مدركين لكل شيء. لا يوجد تصرف معبّر للعراقيين في الدراما. هذا الغياب، كما تم تفصيله، هو نقد لكثير من الأفلام الحربية.

بالإضافة إلى ذلك، بينما يحاول الفيلم عرض وحشية الحرب وتأثيراتها اللا إنسانية، فإنه يقوم بذلك بدون تقديم رؤية نقدية لتداعيات التصرفات العسكرية الأوسع للعراق. يعني بدون النظر في تصرفات هؤلاء الجنود الذين يصورهم الفيلم كضحايا مظلومين ويُقتلون بشكل مأساوي، بل يُركز فقط على حالتهم النفسية، بغض النظر عن الجرائم التي ارتكبها هؤلاء الجنود في العراق. إذا نظرنا بعمق إلى أفعال وسلوكيات هذه الشخصيات في الفيلم، يمكننا أن نرى بوضوح النظرة الاستعمارية التي يعكسها الفيلم. نظرة يجب فهمها ويجب توعية الجمهور العراقي بها حتى يتخذوا موقفاً تجاهها. سنقوم بتفصيل هذه النظرة بتحليل بعض المشاهد الأساسية من الفيلم وكشف التصرفات الاستعمارية فيه.

 

وصف المشهد

في أحد مشاهد الفيلم، يظهر مورفي الذي يشعر بالتعب والغضب من الحرب، جالسًا في قاعدة القوات الأمريكية وينظر إلى الفتاة التي يحبها، وهي ممرضة عسكرية. هو برفقة الجندي بارتل. يعبر مورفي عن كرهه لهذه الأرض ويتمنى لو أمكنهم تدميرها بقنبلة. في تلك اللحظة، تتعرض القاعدة لهجوم بقذائف الهاون. هوية المهاجمين غير واضحة، ولكنهم على الأرجح إرهابيون. المشهد يتلاشى في غبار ونرى فجأة الفتاة التي كان مورفي يحبها مصابة وتئن. يقترب منها مورفي، ولكنها تموت.

 

 تحليل المشهد

يبدأ هذا المشهد بتعبير مورفي عن كراهيته للحرب والظروف الحالية. يتمنى لو أنهم “استطاعوا تدمير هذه الأرض بقنبلة”، وهو ما يعكس قمة الإحساس بالكراهية وتحويل الآخرين إلى أعداء التي تتواجد في عقلية الجنود الأمريكيين. هذا الرأي لا يعكس فقط التأثيرات النفسية والعاطفية للحرب على الجنود، بل يساهم أيضًا في تعزيز الكليشيهات العرقية والثقافية حول الشعب العراقي. هذه النظرة تعتبر الشعب العراقي كأعداء بلا أسماء ووحوش، والحل الوحيد للتعامل معهم هو الإبادة.

هذا العبارة هي مثال على تكرار الكليشيهات الاستعمارية التي تُظهر الأراضي والمجتمعات غير الغربية كمواقع بلا قيمة ووحشية، والتي يعتبر الحل الوحيد لها هو التدمير والسيطرة. هذه النظرة تبرر بشكل غير مباشر السياسات الاستعمارية والعسكرية التي تهدف إلى “إصلاح” و”إنقاذ” المجتمعات غير الغربية من خلال السيطرة والتحكم.

توقيت الهجوم بقذائف الهاون وموت الممرضة مصمم بحيث يحقق أقصى تأثير عاطفي على المشاهد. هذا النوع من الإعدادات، مع خلق أجواء مغبرة ومليئة بالاضطراب، يجعل المشاهد يشعر بالكراهية والاشمئزاز تجاه منفذي هذا الهجوم، الذين لا يتم تحديد هويتهم بوضوح في الفيلم ولكنهم ضمنيًا يتم تصويرهم كـ”إرهابيين”. إذا نظرنا بدقة إلى الأحداث، سنرى أن الأمريكيين هم من يحتلون العراق وأن هذه القذائف هي في الواقع دفاع عن أرض العراق ضد المحتل، ولكن الفيلم بفضل توقيته يجعل الأمور تبدو معكوسة. هذه الطريقة هي تكرار للأساليب الإعلامية التي تستخدم المشاعر لتشكيل نظرة واعتقادات المشاهدين.

موت الممرضة الشابة، التي تمثل البراءة والإنسانية، في هذا المشهد يلعب دورًا مهمًا في إظهار قسوة ووحشية الأعداء. هذه الطريقة في العرض تظهر العواقب الإنسانية للحرب بشكل شخصي وإنساني، ولكنها في الوقت نفسه تساهم في تعزيز النظرية القائلة بأن أعداء الجنود الأمريكيين يفتقرون إلى أي قيم إنسانية. هذا النوع من الرمزية يتكرر في الأعمال الثقافية والإعلامية المتعلقة بالحروب الاستعمارية، حيث تضحي البراءة والإنسانية بالعنف والوحشية.

هذا المشهد، باستخدام الرموز والتوقيت بمهارة، يساهم في تعزيز الكليشيهات العرقية والثقافية حول الشعب العراقي ويجعل المشاعر تتجه نحو دعم الجنود الأمريكيين وكراهية الأعداء الغير محددين.

 

 المشاهد التي تؤدي إلى وفاة مورفي

الجندي مورفي، بعد وفاة الممرضة التي كان يحبها، يعاني من أزمة عاطفية ونفسية واسعة النطاق، وفي أثناء عملية في منطقة ما، يُختطف ويُقتل من قبل أفراد غير معروفين (على الأرجح، استنادًا إلى الكليشيهات الموجودة في هذا النوع من الأفلام، الإرهابيين). الجندي بارتل والرقيب يتبعانه. بمساعدة امرأة عراقية مسنة تتحدث بلهجة غريبة وغير عربية، ورجل عراقي مسن، يعثران على جثة مورفي في حالة مزرية. يعني أن مورفي تعرض للاغتصاب، وتمت عمى عيناه وقتله. يقرر الجنود رمي جثة مورفي في الماء حتى لا تواجه عائلته جثته. بعد ذلك، يقول الرقيب لبارتل ألا يخبر أحدًا عن هذا الأمر، ثم يقتل الرجل العراقي المسن الذي ساعدهم في العثور على الجثة بكل برود حتى لا يبقى شاهد.

 

 تحليل المشاهد

في هذه المشاهد، يتم تقديم شخصيتي المرأة والرجل المحليين العراقيين بشكل كليشيه وغير محدد الهوية. تتحدث المرأة بلهجة غريبة وغير عربية، مما يعكس عدم الاهتمام بالثقافة واللغة المحلية، ويعتبر نوعًا من التحقير وإزالة القيمة من الهوية المحلية. هذا التحقير هو أحد الأدوات الأساسية للاستعمار، حيث يتم تهميش الثقافة والهوية المحلية وتقديم الثقافة المستعمرة كالأعلى والأفضل. يعني، إذا تم الإساءة إلى لغة شعب في فيلم وتم تصويرها بشكل غريب وغير واقعي، فإن هذا لا يكون إهانة فقط للغة، بل للشعب بأكمله الذي يستخدمها. هذه إحدى الظواهر الاستعمارية التي لا تزال واضحة في الأعمال المختلفة.

قتل الرجل العراقي المسن من قبل الرقيب بعد مساعدته للجنود الأمريكيين، يعد رمزًا واضحًا لنظرة الاستعمار الوحشية والسلطوية تجاه المستعمرين. هذا الفعل يظهر عدم احترام لحياة وقيمة الإنسان المحلي، ويؤكد على أن حياة ومساعدات البوميين لا قيمة لها بالنسبة للمستعمرين. سلوك الرقيب يعكس استمرار العنف والقسوة المتأصلة في حروب الاستعمار، ويؤدي إلى إعادة إنتاج هرمية القوة والظلم. في هذا الفيلم، حياة إنسان بريء عراقي أقل قيمة من حياة جندي أمريكي مجرم إلى حد أننا لا نفكر في الأمر حتى للحظة، ويتم قتل الرجل المسن في غمضة عين.

قرار الجنود بإلقاء جثة مورفي في الماء حتى لا تواجه عائلته جثته، يعد رمزًا لمحاولة الاستعمار إخفاء الحقائق المرة والقبيحة للحرب. هذا الفعل يعكس محاولة الحفاظ على صورة متحضرة ومحترمة أمام الأمم والعائلات، في حين أن حقائق الحرب والاستعمار غالبًا ما تكون عنيفة ووحشية. هذا النهج يعبر عن سياسات التستر ونشر الأكاذيب التي تتبعها الأنظمة الاستعمارية لتقديم وجه مقبول عن نفسها. لا يريدون أن يظهر وجههم المتكبر والقوي بشكل ضعيف من خلال اكتشاف جثة مورفي، وهذا الكبرياء متأصل في الأمريكيين ويظهر بطرق مختلفة في هذه الأعمال.

مشهد وفاة مورفي والتفاعلات اللاحقة للجنود الأمريكيين مع السكان المحليين في العراق في فيلم “الطيور الصفراء”، يعكس مجموعة من النظرات والسلوكيات الاستعمارية التي تتخلل الحروب والتفاعلات العسكرية. من التحقير وتجاهل الهوية المحلية إلى النظرة السلطوية والوحشية، والتهرب وإخفاء الحقائق، والاستخدام الأداتي للبوميين، كل هذه الميزات البارزة للاستعمار تم تصويرها بوضوح في هذا المشهد.

 

 المشاهد الدينية والرمزية:

وفاة الجندي مورفي في الفيلم ترافقها إشارات دينية ورمزية متعددة. عريه ووضعه على العربة، التي تشبه إلى حد كبير حمل الصليب ليسوع المسيح، يحوله إلى قديس وضحية بريئة. تسليم جثته للماء يشير أيضًا إلى قصة موسى الذي تم وضعه في الماء كمنقذ لشعبه. هذه الرمزية الدينية تحول مورفي إلى شخصية بريئة وضحية للحرب. هذا النهج يسعى لإبراز القيم الأخلاقية والإنسانية للجنود الأمريكيين وتصويرهم كأبطال ومنقذين. هذه النظرة تعد أحد الأدوات الرئيسية للاستعمار التي من خلالها يحاولون فرض قيمهم الثقافية والأخلاقية على المجتمعات الأخرى.

 

 دور العائلة:

أحد الجوانب المهمة في الفيلم هو التركيز على قلق وبحث والدة مورفي عن ابنها. هذا القلق والبحث يتم تصويره بشكل عميق ويظهر أهمية العائلة والقيم الإنسانية في الثقافة الغربية. في المقابل، يتم تصوير قتل المقاتلين والمدنيين العراقيين بشكل بارد وغير عاطفي، وكأن لا أحد يهتم بهم ولا توجد أي عائلة تنتظر عودتهم. هذا العرض للنظرة الإنسانية غير المتساوية يساهم في تضعيف الهوية والقيم الثقافية للشعب العراقي وتعزيز النظرات العنصرية والاستعمارية.

مقتل الرجل المسن العراقي والمقاتلين المحليين الذين يدافعون عن منازلهم يظهر النظرة الأداتية والاعتبار لحياة المحليين كشيء غير ذي قيمة. هذا السلوك الوحشي وعدم الاكتراث لحياتهم هو تكرار لنفس الأنماط الاستعمارية التي يهتم فيها المستعمرون فقط بمصالحهم وأمانهم ويعتبرون حياة السكان الأصليين بلا قيمة. هذه النظرة لا تؤدي فقط إلى تضعيف القيم الإنسانية للشرقيين، ولكنها أيضًا تبرر بشكل ما العنف والوحشية العسكرية.

 

النتيجة:

يحاول فيلم “الطيور الصفراء” من خلال الإشارات الدينية والرمزية، تعميق سرديته عن حرب العراق وتصوير الجنود الأمريكيين كضحايا بريئين ومنقذين أخلاقيين. في المقابل، يسعى لتصوير الفوارق الإنسانية والعرقية، مما يساهم في تضعيف الهوية والقيم الثقافية للشعب العراقي وتعزيز الكليشيهات العرقية والثقافية. يهدف هذا التحليل إلى توضيح كيف يمكن للفن والإعلام أن يساهموا في تشكيل النظرات والمعتقدات العامة ويؤدي إلى نقد وإعادة التفكير في هذه النظرات والسلوكيات في العالم الحديث. من خلال هذا المنظور، يمكن اعتبار فيلم “الطيور الصفراء” ليس فقط كعمل فني، بل كوثيقة اجتماعية وثقافية تعكس النظرات الاستعمارية والعنصرية في العالم المعاصر، وينبغي للمشاهد العراقي أن ينظر لهذه الأعمال بعمق أكبر ويحاول اكتشاف النظرات الخاطئة ومواجهتها.

 ملخص القصة:

تدور قصة فيلم “الطيور الصفراء” حول جنديين شابين يدعيان بارتل (الذي يلعب دوره تايد شرايدن) ومورف (الذي يلعب دوره ألدن إرينريك)، يتم إرسالهما إلى العراق. يشعر بارتل بالالتزام بحماية صديقه مورف وإعادته سالمًا إلى المنزل، بناءً على وعد قطعه لأم مورف، مورين (التي تلعب دورها جنيفر أنيستون).

أثناء الحرب، يواجه بارتل ومورف حقائق مريرة ومؤلمة. عليهما مواجهة العنف والفوضى وفقدان أصدقائهم. الضغط النفسي للحرب والالتزام الثقيل الذي يشعر به بارتل يضعه أمام تحديات عميقة.

بمرور الوقت، تتدهور الحالة النفسية لمورف ويختفي في النهاية. يحاول بارتل، الذي يشعر بالضياع والتمزق بسبب اختفاء مورف، كشف الحقيقة وراء هذا الحادث. يكافح مع الشعور بالذنب والذكريات المؤلمة للحرب ويعود في النهاية إلى وطنه.

في المشاهد الأخيرة من الفيلم، يحاول بارتل مواجهة مورين، أم مورف، ليخبرها بما حدث لابنها. هذا اللقاء يصور مشاهد عاطفية ومؤلمة تظهر تأثيرات الحرب على الجنود وعائلاتهم.

 

وصف الفيلم:

يقدم الفيلم استكشافًا مؤثرًا وغامرًا للاضطرابات النفسية للحرب، ويبرز توازنًا دقيقًا بين واقعيات الحرب الدامية وصراعات الشخصيات الداخلية.

عنوان “الطيور الصفراء”، المستوحى من أغنية مسيرة عسكرية في الجيش الأمريكي، يرمز بشكل مجازي إلى هشاشة وخسارة الجنود الشباب خلال المعركة، الذين يشبهون الطيور الصفراء الصغيرة والهشة. هذا التعبير يدعو إلى تصور المسافة الضئيلة بين الحياة والموت، خاصة بالنسبة للجنود الشباب خلال الحرب.

يقدم الفيلم دراسة قاسية لتكاليف الحرب البشرية، ويسلط الضوء على الاضطرابات الداخلية والحياة المحطمة للجنود.

أشار النقاد إلى تصوير الفيلم الشديد لوحشية الحرب وتأثيراتها على الجنود وانتقدوا ذلك، لكنه يعكس واقع الحروب الحالية التي يمكن أن تصل إلى أعمق الجوانب المظلمة للإنسانية وتكشفها. أشاد النقاد أيضًا بأداء الممثلين القوي، خاصة أداء ألدن إرينريك الذي قدم صورة مرعبة لجندي يعاني من الصدمة والأذى النفسي من الحرب. يتكون السرد الفيلمي من مجموعة من الأحداث الجارية والذكريات الفلاش باك ليتمكن من عرض العمق العاطفي وتعقيد تجارب الشخصيات بشكل أفضل. ومع ذلك، تم انتقاد هذا النهج بسبب خلقه إيقاع سرد غير مرتب قد يؤثر على تفاعل المشاهد. بالإضافة إلى ذلك، أشاد الفيلم بعدم جعل الحرب (خصوصًا على الجانب الأمريكي) حماسية، بل ركز على واقعياتها المريرة والخسائر الناتجة عنها. ولكن من ناحية أخرى، بسبب عدم تركيز الفيلم على التداعيات السياسية للحرب والتركيز فقط على تجارب الجنود الأمريكيين الشخصية وتأثير الخدمة العسكرية عليهم، يُقدم نهج ضعيف. يمكن اعتبار هذا الفيلم كنموذج لأفلام نفسية تسعى للوصول إلى أعماق لا يمكن الوصول إليها للبشر.

على الرغم من عمق الموضوع والأداء القوي، أشار بعض النقاد إلى أن الفيلم قد لا يقدم رؤى جديدة حول نوع أفلام الحرب. ربما يمكن العثور على السبب الأهم لذلك في سرعة السرد، أسلوب السرد (الذكريات المستمرة) وإيقاع الفيلم. على الرغم من أن هذا الفيلم يقع ضمن نوع الحرب، إلا أنه يفتقر إلى بعض الخصائص التي تصف هذه الأفلام. أدناه سنقوم بمراجعة الفيلم بشكل أدق.

الأسلوب والإخراج السينمائي

حاول المخرج استخدام تِم لوني هادئ يعكس البيئات الكئيبة والمتروكة التي تنتقل الشخصيات بينها في العراق وأمريكا. استخدامه للكاميرا المحمولة باليد واللقطات المقربة بشكل فعال تمكن من تصوير الأجواء الكلاستروفوبية والمرعبة الموجودة في الصراعات الحربية، مما يجعل المشاهد شريكًا في تجارب الجنود. هذه الاستراتيجية البصرية عززت الواقعية الباردة والمرعبة للسرد وسلطت الضوء على العزلة والغربة التي يشعر بها أبطال القصة في العراق وأمريكا على حد سواء.

مدير التصوير، دانيال لاندين، لعب دورًا هامًا في نقل النغمة الداكنة والمريرة للسرد الفيلمي. استخدم لاندين لوحة لونية داكنة واقعية خالية من الجاذبية البصرية الشائعة، التي تتسيدها الألوان الأرضية، وتعكس مناظر العراق الجافة وعدم استقرار العواطف في حياة الشخصيات بعد الحرب في أمريكا. استخدام اللقطات المقربة، على الرغم من إحساسها بالضغط على الجنود في مشاهد الحرب، يتناقض بشكل واضح مع اللقطات الواسعة التي تؤكد على عزلتهم في بيئة واسعة وأحيانًا معادية، مما يعزز من أثرها.

 

هيكل السرد والإيقاع

هيكل “الطيور الصفراء” غير خطي ويمزج بين تجارب الشخصيات في العراق وجهودهم للاندماج مجددًا في أمريكا. هذا الاختيار السردي يبرز تأثير الحرب الشامل ويظهر كيف تتسرب أهوال الماضي إلى الحاضر، مما يعوق قدرة الجنود على الحياة الطبيعية. الإيقاع البطيء للفيلم، والذي انتقده البعض، في الواقع يهدف إلى التأكيد على الطبيعة الطويلة الأمد للصدمة وألم ما بعد الحرب، ويظهر سيطرة الماضي الحتمية على حاضر الأفراد.

 

 تطوير الشخصيات والأداء

تمثيل الجندي جون بارتل من قِبل ألدن إرينريش هو حجر الزاوية للفيلم، حيث يقدم أداءً دقيقًا وعميقًا يعبر عن مجموعة معقدة من الخوف والولاء واليأس. دانيال مورفي، الذي يلعبه تاي شيريدان، أيضًا جذاب بنفس القدر ويقدم شخصية حزينة حيث يتم تدمير براءته وهشاشته الظاهرة ببطء بواسطة أهوال الحرب. العلاقة بينهما ملموسة وتوفر مرساة عاطفية قوية للجمهور.

جنيفر أنيستون وتوني كوليت، في الأدوار الثانوية (أمهات الجنديين)، تضيفان طبقات أكثر من العمق العاطفي وتصوران معاناة الذين تُركوا وراءهم بشكل مؤثر. أداؤهم قوي وحيوي، وجودهم وأداؤهم يؤكدان على التأثير الأوسع للحرب، ويوسع نطاق السرد ليشمل أكثر من تجارب الجنود فقط.

الطيور الصفراء تستحق الثناء لاستكشافها مواضيع مثل عبء الذنب والغموض الأخلاقي للحرب وتفكيك الجبهة الغربية بشكل جيد. إنه استكشاف دقيق ومؤثر يقدم نظرة متفكرة للجروح النفسية التي تتركها الحرب، وهو شيء يتناقض بشكل كبير مع السير المعتاد في الأفلام الحربية التي غالبًا ما تجعل الحرب تبدو رائعة ومثيرة للإعجاب.

يتحدى هذا الفيلم المشاهدين لمواجهة الحقائق غير السارة للحرب، بما في ذلك الغموض الأخلاقي والعبء الثقيل الذي يحمله العائدون. من خلال إخراج متفكر، وأداء قوي، وبنية بصرية وسردية قوية، يقدم الفيلم نظرة عميقة وأحيانًا مؤلمة للحقائق التي واجهها الجنود الأمريكيون وعائلاتهم. لكن هذه ليست كل القصة…

النص النقدي أعلاه يمكن أن يكون أحد النصوص العديدة التي تُكتب عن هذا الفيلم في الصحف والمجلات السينمائية في الغرب. هل هناك شيء مفقود في طيات هذا النص؟ يتناول هذا النص فقط الأمور التي يعرضها الفيلم لنا على الشاشة. كل التمثيل والإخراج فريد من نوعه كما ذُكر، ويتبع خط روائي ونفسي خاص، لكن ما هو الغائب الأكبر في هذا النص والفيلم؟ نعم، الناس العراق وبلد العراق. يعني البيئة التي تجري فيها أحداث هذا الفيلم. تمكن الفيلم من التقدم في سرده بشكل بارع ودون النظر إلى العراق والعراقيين، وبأبسط شكل من أشكال التمثيل السخيف لهم. في القسم التالي، سنتناول اكتشاف النظرة الاستعمارية للعراق والعراقيين في هذا الفيلم.

  • 0 رأي
  • 274 يزور
  • فريق العمل والموسيقى التصويرية
نقترح عليك المشاهدة

آراء المستخدمين

0 رأي
انسحب

كن أول من ينشر تعليقًا.